Histoire moderne et contemporaine, Education, Pédagogie, Actualités politiques et socio-économiques, développement régional et Territorial,témoignage...
3 Décembre 2019
1. بعد مرور ما يناهز تسع سنوات على ثورة شتاء 2011، يبدو المشهد العامّ في تونس مهيأ لانفجار اجتماعي جديد قد يكون أكثر عنفا وأشد تدميرا للدولة أو ما تبقى منها خلال العجاف الماضية. ولعل أكثر المجالات الجغرافية قابلية للانفجار هي ذات المجالات الطرفية التي غصّت مدنها وشوارعها بالمحتجين بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011 في سبيل "الشغل والحرية والكرامة الوطنية". لا جدال في أن الثورة كانت في جوهرها ثورة المهمّشين اجتماعيا ومجاليا ضدّ منوال تنموي متخارج أسهم في تعميق التباينات المجالية والاجتماعية وفي تأبيدها كما أسّس لحرمان هذه المجالات الطرفية من الاستفادة من ثمار التنمية، تشهد على ذلك بنية تحتية ضعيفة ومهترئة و خدمات لا تستجيب لطموحات المواطنين في التعليم وفي الصحة وفي النقل وفي التنمية وفي التشغيل... وليس من المبالغة في شيء القول بأن هذا الوضع تفاقم خلال هذه السنوات التّسع من عمر الثورة، وأسهم في تحويل هذه المجالات الطرفية - في ظل انسداد آفاق التنمية والنمو – إلى مسرح للتهريب والإرهاب (1).
2. وإذا سلمنا بأن الثورة في جوهرها ثورة اجتماعية مواطنية ترتبط بصدع مجالي ما انفك يتعمّق بين مجالين متباينين: مجال داخلي طرفي يعاني سوء التنمية وآخر ساحلي يستقطب السكان والثروة وتتركز به الأنشطة الاقتصادية (2)، فإن الحلول الكفيلة بمعالجة هذا الوضع كانت واضحة لكلّ ذي بصيرة منذ سنة 2011. ومن هذه الحلول تطوير التنمية الجهوية كآلية للحد من التباينات الاجتماعية / المجالية وبما يحقق الشراكة العادلة في الوطن في كلّ أبعادها وتحديدا في بعدها التنموي. غير أن قراءة أخرى للثورة أفضت إلى انزياح عن الأهداف وخلط مقصود في الأولويات. فقد اختزلت بعض النّخبة السياسية الثورة في مجرّد مطالب ذات طابع سياسي وتحوّلت التعددية الحزبية والحرّيات وحقوق الانسان والديمقراطية من وسائل وآليات لتحقيق مطمح الشراكة العادلة في الوطن والمواطنة الكاملة إلى غاية لذاتها. وفي هذا الإطار تحديدا تتنزّل حالة العطالة عن التفكير في الشأن الاقتصادي والاجتماعي وإهمال معالجته خلال السنوات المنقضية مقابل منح الأولوية للسياسيّ في الاشتغال على الشأن العام وما رافقه من محاصصة حزبية في إدارة شؤون الدولة وتكريس فعلي لأولوية الحزبي على الوطني وتقديم للولاء الحزبي على الكفاءة المهنية. وانتهى هذا التمشي إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وهوما يفسر تواتر الاحتجاجات المتدحرجة صعودا ونزولا في مختلف أنحاء البلاد لتبلغ ذروتها في جانفي 2016 وفي جانفي 2018 ولا تزال البلاد مرشحة لهزات أخرى قد تكون أشد عنفا في قادم الأيام أو الأشهر. ومن العلامات اللافتة قوافل الشباب العاطل عن العمل التي تيمّم شطر قرطاج بحثا عن حلول لحرمان اجتماعي طال أمده ولا تبدو له نهاية.
3. ونحن على أبواب مرحلة جديدة تُجْمعُ كلّ الأطراف الفاعلة على الساحة الوطنية بأنها مرحلة اقتصادية واجتماعية بامتياز، مازالت التنمية الجهوية بصفتها إحدى أهم آليات تحقيق الإنصاف في بعديه الاجتماعي والمجالي مطروحة بحدة بل لعلها اكتسبت في ظل التطورات الاقتصادية والاجتماعية السلبية خلال التسع العجاف من الوجاهة ما يجعلها الآلية الأكثر جدوى ونجاعة. غير أن تحقيق النجاعة والجدوى المرجوتين منها يظلّ رهين مراجعة تصوّرها وتنظيمها ومضامينها وآلياتها ووسائلها... فعلى الرّغم من الطابع الاستعجالي الملحّ للاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية، ظلّت التنمية الجهوية جامدة بحيث استمر اعتماد نفس المنوال الموروث عن فترة ما قبل الثورة في معالجة مشكلات ازدادت تعقيدا مع الزمن. والرأي أنه آن الأوان لحلّ هذه المفارقة إذ لا يمكن الاستمرار في اعتماد مقاربة لا صلة لها بالسياق الوطني الاقتصادي والاجتماعي الجديد ولا بالانتظارات المشروعة للمواطنين خصوصا في تلك المجالات التي ظلت لعقود على هامش التنمية والوطن. وعلى الرغم من إقرار عدد من الإجراءات المهمة مثل الترفيع الملحوظ في اعتمادات التنمية للولايات الداخلية منذ سنة 2011 ودسترة مبدإ التمييز الإيجابي بين الفئات والجهات (3) وسنّ القانون الجديد للاستثمار (4) وإقرار بنك الجهات ضمن قانون المالية لسنة 2019، فإن واقع التنمية الجهوية لا يزال يراوح مكانه حيث أنّ أثرها في الواقع اليومي للمواطن ظل محدودا للغاية. هل يمكن الحديث عن تنمية جهوية مجدية وناجعة في ظل اعتماد مفهوم أعرج " للجهة " يحيل على هواجس أمنية أساسها السيطرة والتحكم أكثر مما يحيل على هواجس التنمية والنمو؟ (5) هل يمكن الحديث عن تنمية جهوية في ظل مركزية مفرطة وفي ظل جهاز بيروقراطي ثقيل هو أقرب إلى "متاهة" حقيقية؟ هل يمكن الحديث عن تنمية جهوية في ظلّ تعدد الأطراف المتدخلة في هذا الشأن مع ما يخلّفه هذا الأمر من تشتت لسلطة القرار والتنفيذ والمتابعة ومن تقاطع يصل أحيانا حدّ التنازع في الصلاحيات؟ (6) هل يمكن الحديث عن تنمية جهوية في غياب إطار مرجعي وطني للتنمية الجهوية وإطار مرجعي جهوي للتنمية يؤسسان لتغيير هيكلي مدروس في البنى الاقتصادية المحلية والجهوية على الأمدين المتوسط والبعيد (7)؟ هل يمكن الحديث عن تنمية جهوية في ظل برامج خصوصية مُستَهْلَكَة لا ترتبط بخطة وطنية للتغيير الهيكلي للبنى الاقتصادية المحلية والجهوية بقدر ما تعكس رغبة في الترضية وتحقيق الغُنم السياسي وتتحكم في توجيهها " الولاءات التحتية" أكثر مما تتحكم فيها المصلحة الجهوية والوطنية العليا؟ (8).
4. إنّ من أوكد الأولويات في هذه المرحلة إفراد التنمية الجهوية بهيكل حكومي - وزارة أو كتابة دولة تلحق برئاسة الحكومة - (9) تجمع كل الهياكل والمؤسسات المعنية بالتنمية الجهوية وتُعيد تنظيمها بما يضمن الجدوى والنجاعة. ومن الأولويات المتأكّدة أيضا مراجعة وتطوير مفهوم الجهة اعتمادا على معيار إشكاليات التنمية حيث لا يمكن الاستمرار في اعتماد التنظيم المجالي الحالي للتنمية الجهوية.
ويتولى هذا الهيكل الحكومي:
- وضع تصوّر لتقسيم البلاد إلى أقاليم تنموية كبرى على قاعدة اللامركزية يضم كل واحد منها عددا من الولايات. وتتولى الاشراف على كل إقليم مندوبية إقليمية للتنمية تشرف بدورها على إدارات فرعية للتنمية بمعدل إدارة فرعية في كل ولاية. وتتمتع المندوبيات الإقليمية للتنمية بصلاحيات واسعة بدءا بوضع تصورات دقيقة للتنمية الجهوية وخطط وآليات التنفيذ والمتابعة والتقييم والتعديل...
- إعداد إطار مرجعي وطني للتنمية الجهوية وأطر مرجعية جهوية للتنمية عبر قيادة وتنظيم حوارات استراتيجية وطنيا وجهويا حول الموضوع بصفة تشاركية على أن يكون لخبراء التنمية وتنظيم المجال تحديدا دور محوري في هذه الحوارات وفي ترجمتها إلى خطط تنموية عملية مُفَصّلة تستهدف إجمالا فك الانحباس وتشبيك المجال الإقليمي والوطني، الاندماج القطاعي والمجالي للأنشطة الاقتصادية، الإدماج الاجتماعي واستدامة التنمية.
- التجديد في محاور اهتمام التنمية الجهوية كأن تنتظم ضمن محاور كبرى جامعة: تحسين ظروف عيش السكان في المناطق الريفية والأحياء الشعبية الحضرية، بعث موارد دخل قارة للفئات الاجتماعية محدودة الدخل، فك الانحباس وتعزيز التشبيك داخل الإقليم وبين الأقاليم، تنمية الاقتصاد المحلي والجهوي وتعزيز التحول الرقمي على أن تندرج هذه المحاور وجوبا في سياق الإطار المرجعي الوطني للتنمية الجهوية والإطار المرجعي الجهوي للتنمية.
- مراجعة دور الدولة في التنمية في المناطق الداخلية بحيث يتعدى مجرّد توفير الإطار القانوني والإداري وإعداد البنى التحتية اللازمة للتنمية إلى الاستثمار المباشر في جملة من المشاريع الكبرى ذات المفعول الحثي الثابت بما يضمن خلق حركية اقتصادية جهوية. لقد بيّنت لنا التجربة أن المستثمرين المحليين والأجانب لا يبدون حماسا كبيرا للاستثمار في المناطق الداخلية رغم كل الامتيازات والتسهيلات الممنوحة لأسباب عديدة تتعلّق بالبنية التحتية وبالسّلم الاجتماعي وبكلفة الإنتاج فضلا عن الضعف الفادح في تجهيزات الإقامة والإعاشة والترفيه ما يحدّ من جاذبية التوطن في هذه المجالات. لقد أفضى انسحاب الدولة من عملية التنمية على المعنى الذي ذكرناه خصوصا منذ أواسط تسعينيات القرن الماضي إلى تراجع ملحوظ للأنشطة الصناعية في المناطق الداخلية (10) رافقه تنام متسارع في الطلب على الشغل من جهة وتنام متسارع للنزوح في اتجاه الشريط الساحلي بدليل الحاصل الهجري السلبي بالولايات الداخلية وهو ما يمثّل تهديدا حقيقيا للأمن القومي على الأمدين المتوسّط والبعيد من جهة ثانية.
- اعتماد صيغة عقود التنمية الجهوية بين الوزارة / كتابة الدولة والمجالس الجهوية على أن تتضمن هذه العقود سائر المشاريع المبرمجة والمؤشرات الكمية والنوعية المتعلقة بها وآجال تنفيذها والأطراف المتدخلة في الإنجاز وفي المتابعة والتعديل. (11)
5. إن الحدّ من التباينات المجالية والاجتماعية هو بالدرجة الأولى قرار سياسي يفترض وجوبا اقتران القول بالفعل قطعا مع حقبة اتسمت بالتناقض الصارخ بين الخطاب المعلن في هذا الشأن وبين الفعل الميداني، وهو ما عبّر عنه الأستاذ عمر بلهادي من خلال هذا التساؤل الحصيف: "... فكيف يمكن أن نتحدث عن اللامحورية عندما تتبنى الدولة - وهي المهيأ الأول للمجال الوطني بامتياز- استراتيجية تتسم بالتناقض بين الخطاب والفعل؟ ففي الوقت الذي تتبنى فيه الدولة اللامحورية وتنمية المناطق الداخلية تحقيقا للإنصاف، نلاحظ تركز المشاريع الرئيسية على الشريط الساحلي تحقيقا للمردودية. ويصبح هذا الأمر أكثر حدة عندما يتعلق بتدخلات كبرى تؤثر في تنظيم المجال بصورة لا رجعة فيها وتمتد على فترات تتعدى عشرات السنوات وتشمل استثمارات تقدر بمئات الملايين من الدنانير" (12). والرأي أن مراجعة جادة للتنمية الجهوية أصبحت اليوم مطروحة بإلحاح في تونس وفق مقاربة مجددة تقطع تماما مع مقاربات وممارسات لا ترتقي إلى ما يفرضه السياق الوطني الجديد وثَبُت فشلها في الحدّ من التباينات المجالية والاجتماعية. وفي هذه المراجعة الجادّة والمُجدّدة أبعاد إيجابية متعددة: فهي أوّلا إرساء لنموذج تنمية تشاركي يُعْلي معاني الإنصاف المجالي والاجتماعي ويُيسّرُ المصالحة مع تاريخ كثيرا ما كان ظالما في حق مجالات بعينها. وهي ثانيا مصالحة مع الوطن وتأكيد لمواطنة كثيرا ما كانت محل شكوك مشروعة يُسوّغها واقع التباينات المجالية والاجتماعية الحادة. وهي ثالثا مصالحة مع الدولة التي تتحمّل مسؤولية هذه التباينات المجالية والاجتماعية اللافتة والناجمة عن سياسات كثيرا ما كانت مجحفة في حق المجالات الداخلية. وهي رابعا تأكيد لسلطة الدولة على المجال الوطني وقطع مع التنامي المتعاظم لنفوذ "الولاءات التحتية" التي أصبحت بمثابة السلطة الموازية، تستوطن حلقات مهمة من سلسلة اتخاذ القرار ومن سلسلة التنفيذ بما يزيد في إضعاف الدولة وسلطة القانون. وهي أخيرا تعزيز لقواعد العيش المشترك عبر إعلاء معاني التضامن الوطني والتفعيل الحقيقي لمبدأ التمييز الإيجابي المنصوص علية في دستور 2014 صونا لوحدة الدولة، دولة كل التونسيين وصونا لوحدة الوطن، وطن كل التونسيين.
-----------------------
تونس/ نوفمبر 2019
الهوامش
(1) International Crisis Group, La Tunisie des frontières: jihad et contrebande, Novembre 2013.
(2) Belhedi Amor, La Fracture Territoriale, Dimension Spatiale de la Révolution Tunisienne
Wassiti, 2012.
(3) أنظر الفصل 12 من دستور الجمهورية التونسية المؤرّخ في 27 جانفي 2014.
(4) أنظر القانون عدد 71 لسنة 2016 مؤرخ في 30 سبتمبر 2016.
(5) تتطابق الجهة ترابيا وإداريا مع الولاية والواقع أن هذا التطايق يعكس سعي الدولة الفتية في بواكير الاستقلال إلى السيطرة على المجال والتحكّم فيه وإحكام مراقبته. ولئن كان لهذا الأمر ما يبرره في مرحلة ما بعد الاستقلال مباشرة فإن الاستمرار في اعتماده اليوم في ظل الأوضاع الجديدة التي تعيشها البلاد والتي تتصدرها استحقاقات اقتصادية واجتماعية لا تقبل التأجيل يفتقر إلى الوجاهة بل ويعيق عملية التنمية عامة.
(6) تتولى الاشراف على التنمية الجهوية هياكل متعددة: المندوبية العامة للتنمية الجهوية التي تشرف على التنمية الجهوية في 11 ولاية ساحلية (من بنزرت وصولا إلى صفاقس)، وديوان تنمية الشمال الغربي وديوان تنمية الوسط الغربي وديوان تنمية الجنوب بالنسبة للولايات الداخلية، إضافة إلى عدد من الإدارات العامة صلب وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي تعنى بصفة مباشرة أو غير مباشرة بالتنمية الجهوية ( أنظر الأمر عدد 938 لسنة 2019 المؤرخ في 16 أكتوبر 2019 يتعلق بتنقيح وإتمام الأمر الحكومي عدد 1164 لسنة2016 المؤرخ في 10 أوت 2016 المتعلق بتنظيم وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي/ الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 86 ، 25 أكتوبر 2019، بداية من الصفحة 3697)
(7) يرى البعض في مخطط التنمية 2016-2020 رؤية تنموية متكاملة ورأيي أنه غير ذلك تماما. فهو لا يعدو أن يكون جردا وترصيفا لمطالب محلية وجهوية لا تندرج ضمن إطار مرجعي جهوي للتنمية ولا ضمن إطار مرجعي وطني للتنمية الجهوية وهو يذكّر في مضامينه بما كان ينجز قبل الثورة وموطن التجديد الوحيد فيه هو طابعه التشاركي. ويفترض أن يكون المخطط الجهوي للتنمية تنزيلا للرؤية الجهوية للتنمية ضمن خطة عملية تنصص على الأهداف الكمية والنوعية وآجال الإنجاز الخ....
(8) يتسبب غياب إطار مرجعي جهوي للتنمية في تحكم " الولاءات التحتية" وهي سائر الانتماءات العائلية والعشائرية والمناطقية.... في توجيه الاعتمادات مثلا في ما يتعلق ببرنامجي التنمية الجهوية والتنمية المندمجة رغم كل الجهد الذي يبذل من قبل السلطة الجهوية والمحلية للتعديل والتصويب وكثيرا ما يتسبب في توترات اجتماعية حقيقية.
(9) تمّ منذ سنة 2013 في ظل حكومة علي العريض زمن حكم الترويكا إلغاء وزارة التنمية الجهوية والتخطيط التي تم إقرارها سنة 2011 وإلحاق مصالح التنمية الجهوية بوزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي.
(10) Tizaoui Hamadi, Le décrochage industriel des régions intérieures en Tunisie, Arabesque, 2013.
(11) تمّ الاستئناس في هذه المقترحات ببعض ما ورد ضمن الكتاب الأبيض حول التنمية الجهوية سنة 2011 اقتناعا بما تضمنه من مقترحات تؤيدها التجربة الذاتية في الاشتغال على الشأن الجهوي.
أنظر: http://eeas.europa.eu/delegations/tunisia/documents/more_info/livreblanc_devreg_nov11_fr.pdf
(12) Belhedi Amor, l’Aménagement du territoire, Principes et Approches, 2010, p. 49
http://cgdr.nat.tn/upload/files/Bilioenligne/2010Am%C3%A9nagement-du-territoire-texte-general.pdf